افتتح الأستاذ الدكتور محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس فعاليات ندوة "ثقافة الاختلاف وفن الحوار" التي نظمتها الجامعة في إطار الموسم الثقافي، واستضافت خلالها الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى ومدير مركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء المصرية، نيافة الأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والأستاذ عبد اللطيف المناوي رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، وذلك بحضور الأستاذ الدكتور عبد الفتاح سعود نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، الأستاذ الدكتور هشام تمراز نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، ولفيف من عمداء ووكلاء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والإداريين والطلاب.
قام بتنسيق الندوة الأستاذة الدكتورة جيهان رجب أستاذ التسويق بكلية التجارة ومستشار نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وأدار اللقاء الأستاذة الدكتورة دينا فاروق أبو زيد رئيس قسم علوم الاتصال والإعلام بكلية الآداب ومدير المركز الإعلامي بالجامعة، وتنسيق طلابي أسرة من أجل مصر المركزية.
خلال كلمته رحب أ. د. محمود المتينى رئيس الجامعة بالسادة الحضور، مؤكدًا أن العام الدراسي الحالي بالجامعة عامًا ثقافيًا ثريًا، بندوات وفعاليات متنوعة، مشيداً بالنشاط الملحوظ الذي يشهده قطاع شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة برئاسة الأستاذ الدكتور هشام تمراز، ومثمنًا دور الأستاذة الدكتورة جيهان رجب مستشار القطاع.
وحول عنوان الندوة أكد أن عودة الإرهاب كان من بين الأسباب الرئيسية لاختيار موضوع ثقافة الاختلاف وفن الحوار، وفي هذ الصدد تقدم أ. د. محمود المتينى بخالص العزاء في شهداء الوطن الذي نالتهم أيادي الغدر خلال العمل الإرهابي الذي وقع في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف أنه انطلاقاً من المسئولية المجتمعية للجامعة فإنه يقع عاتقها تناول تلك الموضوعات الهامة، والعمل على تنمية مهارات الاتصال والتواصل لدى المجتمع الجامعي، لافتًا إلى أن مهارات الاتصال أصبحت جزء من المناهج التي تدرس في الكليات المختلفة، كما أن هناك بعض المراكز بالجامعة تختص بتنميتها لأعضاء هيئة التدريس، إلى جانب إقامة الندوات والفعاليات المختلفة، مشيرًا إلى إنه سيتم عقد مجموعة ورش عمل تحمل نفس عنوان الندوة لتنمية ثقافة الاختلاف وفن الحوار لدى المجتمع الجامعي.
وأضاف أ. د. محمود المتينى أن الاختلاف أمر في غاية الأهمية ولكن علينا أن نتعلم كيف نختلف، مؤكدًا على أهمية تنمية الوعي لتحقيق ذلك خاصة في المجتمعات الأكاديمية التي يجب أن تكون على قدر من المعرفة أكثر من غيرها.
كما تحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها، مؤكدًا على ضرورة التكاتف لتنمية الوعي وثقافة الاختلاف لدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي داعيهم لتحري الدقة عند نشر الأخبار.
وخلال كلمته أكد الأستاذ الدكتور عبد الفتاح سعود نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب أن مصر أرض الشركاء الذين تعاهدوا أن يعيشوا سويًا، وتكمن عبقرية مصر أنها تعد الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تطوع الجميع، حتى الغزاة، فانصهروا في حضارتها.
كما تطرق إلى موضوع تجديد الخطاب الديني مؤكدًا أنه يجب أن يرتكز على البحث عن نقاط الالتقاء وليس نقاط الاختلاف.
في كلمته أشار الأستاذ الدكتور هشام تمراز إلى أن موضوع الندوة يتواكب مع احتفال العالم باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية والذي يوافق 21 مايو من كل عام، لافتًا إلى أن جميع الديانات أكدت على أهمية التعارف لإعمار الأرض، وأنه علينا جميعًا البحث عن نقاط التوافق ونبذ كل ما يجعلنا نفترق.
وأكد الأستاذ الدكتور هشام تمراز أن السلاح الأمثل لمواجهة التطرف هو التنوع الثقافي وقبول الآخر، موضحاً أهمية تعزيز الدور المجتمعي لمجابهة الأفكار المتطرفة ودعم الأفكار المستنيرة من خلال مد جسور التواصل.
استهل الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى ومدير مركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء كلمته بنقل تحيات فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، ثم تحدث عن ثقافة الاختلاف وفن الحوار باعتبارها ضرورة حياتية وواجب إذا كنا نريد أن نتغير تجاه التنمية.
وتطرق الدكتور عمرو الورداني إلى 7 سمات أصبحت تسيطر على مجتمعنا في الوقت الراهن هي (زيادة الفردانية التي تصنع الأنانية العقلية التي بدورها تعوق تقبل ثقافة الاختلاف، والمزاجية، والتشكك الذي زاد مع زيادة المعلومات، والإحساس بالمظلومية الذي أصبح يسيطر على التعاملات، والإحباط وزيادة الحساسية تجاه الأفكار والكلمات وأخيرًا العشوائية التي نحن غرقى فيها (
كما تحدث عن وسائل التواصل الاجتماعي داعيًا لإجراء دراسات اجتماعية ونفسية حولها.
كذلك تناول الدكتور عمرو الورداني ثقافة الاختلاف موضحا أنه للوصول إليها لابد من تحقيق التعرف على الآخر ثم الاعتراف به ووضع قواعد التعامل التي تجمعهم وصولًا إلى الاختلاف الذي يصنع الائتلاف.
كما تناول عناصر الحوار البناء الذي يجمع بين الفهم (فهم الشخص كما يريد) والتفهم (أن تضع نفسك مكان الآخر) والتفاهم للخروج بقدر مشترك يجمعهم.
في كلمته أكد نيافة الأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية أن مصر هي بلد التعددية التي شهدت حضارات وأوجدت شخصية تدرك وتقبل التنوع والتعدد عبر العصور، لتستوعب الجميع في تناغم لم تشهده أي بلد في العالم، مؤكدًا أن التعددية هي تأخي وليست امتزاج واستشهد بآيات من القرآن والإنجيل التي تحث على التعدد وقبول الآخر.
وأضاف أن الاختلاف من المفترض ألا يحمل أي مشاعر سلبية تجاه البشر وبعضهم البعض ولكنه قد ينشئ صراعات تتحول إلى خصومات لذا علينا أن نتعلم كيف نختلف، مؤكدًا أنه لنشر ثقافة الاختلاف علينا رفع مستوى الثقافة، التي تحمل في طياتها إقامة حوار هادئ بعيدًا عن الجدل والصراع مع البحث عن قواعد مشتركة تمكن من استكمال الطريق.
وأكد نيافة الأنبا أرميا أن الارهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحي، وأنه يمثل خطر على كافة المفاهيم الدينية، وكل الأديان السماوية تنبذه وتدعوا إلى المحبة والتسامح وعدم إهانة الأخر بأي صورة واستشهد بآيات من القرآن والإنجيل في هذا الصدد.
وأضاف أن الشعب المصري نسيج واحد وكل من يحاول أن يمزق وحدتنا لا يمكن أن ينجح، مؤكدًا على ضرورة تكاتف كافة مؤسسات المجتمع ضد الأفكار المغلوطة وتأكيد القيم السامية والحث على كل ما هو مفيد لنزع فتيل الإرهاب وحفظ السلام في هذا الوطن.
في كلمته أكد الاستاذ عبد اللطيف المناوي على ضرورة الاستمرار في إقامة مثل هذه الندوات ودعا الجامعة لعقد مجموعة من ورش العمل التي تعمل على تعزيز تبادل الآراء على أن تتسم بالحرية واختلاف الرؤى للخروج بنتائج ايجابية.
كما قدم رصد للأسباب التي غيرت من المجتمع المصري وجعلته أقل قابلية لتقبل الاختلاف والتي وصلت في بعض الأحيان إلى رفض الأخر والتي من بينها الهجرة لدول الخليج والثورة الإيرانية، مؤكدًا أن سر قوة مصر تكمن في تقبل المختلف.
وأكد على ضرورة الاعتراف بالخلل الموجود ودعا جامعة عين شمس لإطلاق دراسة اجتماعية لرصد التغيرات التي شهدها المجتمع.
كما استعرض الأستاذ عبد اللطيف المناوي بعض مظاهر افتقاد لغة الحوار من خلال عرض لبعض الأحداث الجارية.
وفى نهاية اللقاء تم فتح باب الحوار واستقبال الأسئلة من الحضور، كما قام الأستاذ الدكتور محمود المتيني رئيس جامعة بتكريم ضيوف الندوة واهدائهم درع الجامعة للدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى ومدير مركز الارشاد الزواجي بدار الإفتاء المصرية، ونيافة الأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والأستاذ عبد اللطيف المناوي رئيس تحرير جريدة المصري اليوم.