مدير المركز يكتب
في سعي حثيث في أن يكون أول رئيس أمريكي مخلوعًا يمضي الرئيس الأمريكي قدُمًا… لدرجة يمكننا القول معها أنه لو تآمر كل الفاعلين الدوليين وكل أعدائه عليه لما سبقوه في الإيقاع به. لا يكاد يمضي يومًا بل ساعة إلا ويُحدث مشكلة مدوية داخليًا وخارجيًا. على ما يبدو أن لديه مخزونًا استراتيجيًا من أقلام الرصاص التي سرعان ما تمحو الممحاة المثبتة في أعلى الأقلام ما تسطره سنونها…
أتت سريعًا ردود فعل المجتمع الدولي على هوجائية قراراته ؛ فانتفضت كندا والمكسيك وغيرهما في مواجهة سياساته الاستعلائية العدوانية وعاملوه بالمثل وأعلن الجميع بل وحلفاء أمريكا امتعاضه واستهجانه لسياساته…
عمد ترمب أن يكون نتنياهو أول من يستقبله في البيت الأبيض وبكلماتٍ جوفاء جفّاء أعلن أنه ماضٍ في سبيله إلى تهجير قطاع غزة وإدارتها بل واحتلالها.
وُلد ميّتًا من حملٍ سفاح… هذا أقل ما يوصف به وعد ترمب "بلفور الأمريكي"، لأنه تصرف من لا يملك فيما لا يملك لمن لا يستحق.
كأكاديميّ وكقانوني أحار في أمر هذا الرجل وهذا البلد الذي أوصله إلى سدة الحكم. إذ تغيب عنه أبجديات السياسة والقانون ؛ فالرجل يفتقر إلى الحد الأدنى من اللباقة واللياقة السياسية كذلك الحال مع القانون الدولي، فنجده يتحدث بلغة منكرة للقانون الدولي غير عابئ بمآلات حديثه.
أشرنا الأسبوع الماضي إلى أن الحقيقة السرمدية الأبدية هي أن مصر رمانة ميزان الشرق الأوسط ومن أن القيادة المصرية من الشعب المصري وحينما يتحدث الرئيس المصري فإنه يتحدث باسم جموع المصريين ومن أن المصريين على قلب رجلٌ واحد. ويبدو أن ترمب وعا المعلومة، إذ بعدما تحدث بنبرة الواثق القادر على كل شيء من حتمية قبول مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين، تراجع سريعًا معلنًا أن هناك أصدقاء آخرون سيساعدوننا في هذا الشأن ولم يعلن من هم هؤلاء الأصدقاء ولم يعلن الأصدقاء عن أنفسهم…
في استعدائه للقضاء الدولي وبالأخص المحكمة الجنائية الدولية، فرض ترمب عليها عقوبات لإرهاب المنظمات الدولية والتي انسحب من بعضها، من المساس بإسرائيل وقادتها.
في تلاحقٍ وتسارعٍ غير مسبوقين أتت تصريحات وأفعال الرئيس الأمريكي ترمب من دون سندٍ من حكمةٍ أو سياسة أو قانون، وسيجلب عليه سخط الداخل قبل الخارج وهو ما تم بالفعل من انقسامات داخل حزبه الجمهوري وإعلان البعض عزمه البدء في إجراءات محاكمته وعزله…
هذا حصاد الأيام الأولى له ؛ فما بالنا بالأشهر الأولى…
إن الحل الناجع المنهي للصراع العربي الإسرائيلي يتمثل في الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي وحل الدولتين وهو ما تسعى مصر على طول أمد الصراع لتحقيقه، من منطلق مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية ومن موقع ريادتها في المنطقة.
إن أمن وأمان إسرائيل في حل الدولتين وفي السلام العادل والشامل والذي يعيد الحقوق المغتصبة لأهلها… غير ذلك ستستمر دوامة العنف إلى الما لا نهاية…
سينفد حبر أقلامه سريعًا وإن لم ينفد حبر الأقلام فستنفد أوراقه وإن لم تنفد الأوراق سينفد صبر الشعب الأمريكي وممثليه…
حفظ الله مصر قيادة وشعبًا.