رؤية لفيديو "ريفيرا غزة" المستقبلي

عن مستقبل خيالي لغزة نتحدث اليوم، حيث قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الأسبوع الماضي رؤيته التي أنشأها بواسطة الذكاء الصناعي عن مستقبل غزة، وقام بنشر هذا الفيديو على منصة تروث سو شيال، كما نشره أيضا على منصته الشخصية لإنستغرام.

وهذا الفيديو من وجهة نظري ما هو إلا تطبيقًا لمجموعة من النظريات الإعلامية حيث يظهر فيه :

- أطر الصورة التي أظهر من خلالها سبب المشكلة والحلول المقترحة من وجهة نظره، وقام من خلال هذه الأطر بترسيخ الصورة النمطية للرئيس ترامب بانه المخلص لمدينة غزة من وجهة نظره.

- وأيضا أظهر في هذا الفيديو نظرية ترتيب الأجندة من خلال التركيز على أهم العناصر وجهة نظره من الشخصيات الفاعلة القوية المكررة على مدار الفيديو بكل الأشكال، وكيف يتعمد أن ينسب لهذه الشخصيات السمات الإيجابية طوال الفيديو كما سنرى من خلال هذا التحليل.

تظهر أول لقطة في الفيديو عن آثار الدمار في غزة ويكتب أنها غزة في عام 2025 ليظهر حجم الدمار الذي وصلت إليه هذه المدينة الغالية، وفي أول لقطة يظهر طفل يبحث عن لعبته الضائعة في وسط الركام وبجانبه أحد الأفراد المسلحين، ليشير بهذه اللقطة الافتتاحية عن إطار السبب لتخيله لهذا الفيديو وهو أنه لا أمان ولا حقوق للطفل في غزة في عام 2025، وأنها مليئة بالدمار الجسدي والنفسي كما يوجد الدمار في كل شيء خرساني في هذه المدينة. وهنا يظهر نظرية الأطر من خلال ما يركز عليه وما تغافله فانه يظهر الشخصية المسلحة الملثمة لإظهار حركة حماس في هذه اللقطة باعتبارها سبب لانعدام الأمان ولا يذكر ولا من بعيد ولا من قريب أن سبب الدمار هو العدوان العسكري الإسرائيل الغادر لهذه المدينة والتي كان أغلب ضحاياها من الأطفال.

ثم تأتى اللقطة الثانية حيث يظهر سؤال على الشاشة ماذا بعد what`s next مكتوب بنفس ألوان العلم الأمريكي ليظهر أنه المستقبل من وجهة نظر الرئيس الأمريكي ويرسخ هذا من خلال كبر حجم السؤال وألوانه ليجعل المشاهد لهذا الفيديو لا يفكر في أي حل بعيد عن الولايات المتحدة.

ثم يبدأ في التحولات السريعة في اللقطات المتتالية التي يتخيلها الرئيس دونالد في هذه المدينة، حيث يقوم نفس الطفل بالمشي من وسط نفق ليرى ناطحات سحاب ومدينة عامرة وشوارع نظيفة وسيارات كهربائية تسير في وسط الشوارع، ليؤكد بذلك ان غزة الجديدة لا يوجد بها ملثمين ولا أنفاق ويظهر ذلك مصاحبًا للأغنية التي تؤكد على أنه لا مزيد من الأنفاق والخوف انتهى هذا العهد في هذه الريفيرا الخيالية.

وتبدأ الشخصيات الفاعلة في الظهور والتركيز عليها من خلال إظهار إلين ماسك وهو يأكل الطحينة بالحمص كما انه يرسل رسالة بانه يتمتع بالأكلات الفلسطينية في هذه الريفيرا، وتظهر الشخصية الفاعلة الثانية في الفيديو من خلال الطفل الذي أصبح يلبس ملابس مهندمة لكنه هذه المرة يمسك بيده بالونه ذهبية لرأس الرئيس دونالد موضحا بهذا الشكل من وجهة نظره، أن حتى الأطفال فرحين بدوره الفعال في تحويل غزة لهذه الريفيرا المتخيلة من قبله.

ثم يقوم بتقديم لقطات للمعمار السكني الذي يتميز بالرفاهية العالية الذي يظهر على ضفاف بحر غزة، ثم لقطة لماسك وهو يرمى بالأموال على الجالسين أمام الشاطئ مظهرًا بذلك انه قام بحل كل مشاكل الفقر في هذه البلدة ويظهر الأطفال التي كانت تلعب في التراب والرماد، ها هي تلعب مع الأموال المتناثرة عليهم ليظهر مدى الفرق الذي سيحدثه.

ثم يأتي مشهد أخر في هذا الفيديو الخيالي بفندق فخم جدًا يحمل اسمه "ترامب غزة" وتمثال بالحجم الكبير للرئيس ترامب يتوسط أحد الأحياء في غزة، وتظهر محلات تقوم ببيع تماثيل مصغره للرئيس ترامب لتؤكد أنه التذكار الذي سيأخذه الزائر في ريفيرا غزة. وينتهي الفيديو بمشهد الرئيس ترامب بجانبه نتنياهو يشربان العصائر وهما أمام حمام السباحة بهذا الفندق الذي يحمل اسم ترامب غزة.

ومن هذا الفيديو تظهر بعض الرسائل وهي : الرؤية المستقبلية للرئيس ترامب لغزة بالطبع بعد تهجير سكانها هذا من جانب، وأيضًا رسالة لمستقبل الإعلام الذي يقدم من خلال الذكاء الصناعي الذي يقوم بالدعاية الرمادية من خلال إظهار شخصيات حقيقية ولكن في مواقف خيالية قد تخدع الكثيرين.

بقلم

أ.م د فلورا إكرام

رئيس شعبة الدراسات المستقبلية بمركز بحوث الشرق الأوسط